Friday, September 16, 2011

أشعة إن، أو كيف تستطيع إن تكتشف أشعة ليس لها وجود!

عندما يدرس تاريخ العلم أو تكتب مراجع أو كتب عنه، غالبا يتم تذكر قصص النجاح، قوانين كيبلر، جاذبية نيوتن ، النسبية، نظرية الكم.. ألخ. و لكن نادرا ما تذكر قصص الفشل، نادرا لدرجة أنها قد تعطى الأنطباع أن العلماء فى نجاح مستمر و دائما على صواب! الحقيقة أن لكل قصة نجاح هناك الكثير من القصص لعلماء قاموا بأكتشفات وهمية و نظريات لم تحصل على أى نوع من نجاح، بل بعض هذه القصص كان "موضة" لبعض الوقت و أختفت مع الزمن. جمال دراسة هذه القصص أنها تظهر كم هو من السهل إن يخطئ العلماء مهما كانت مكانتهم، كم من اصعب أن تكون نظريتك أو أكتشافك ناجح و قدرة الأنسان العجيبة على خداع النفس.
من قصص الفشل المفضلة لدى هى قصة أشعة إن (N Ray).
أول مرة قرأت عن هذه القصة كان من عدة سنوات و أنا أقرأ محاضرة لعالم الكيمياء الأمريكى أرفينج لونجيمور عن "العلم المريض". فى أوائل القرن العشرين بعد أكتشاف رونتجين لأشعة أكس، كان هناك موجة كبيرة من دراستها و دارسة خصائصها. و فى عام 1903 ، أعلن عالم فيزياء فرنسى من جامعة نانسى أنه أكتشف نوع جديد من الأشعة و أطلق عليها أشعة إن( على أسم المدينة، نانسى) و هذا أثناء قيامه بتجارب على الأشعة السينة. ليس فقط أعلن أكتشافها بل أيضا أكتشف لها مجموعة من الخواص و أنها تشع من معظم المواد. أثار أكتشافه ضجة و حاول البعض كما هى العادة فى العلوم من تكرار التجربة، و نجحت معهم بالفعل !و لكن بعض المعامل فى إلمانيا و بريطانيا لم يستطيعوا أن يكرروا النتائج مما جعل البعض يشكك فى صحة الأكتشاف و منهم مجلة ناتشير المعروفة. و لهذا السبب قامت ناتشر بأرسال عالم أمريكى أسمه رويريت وود للتأكد من صحة التجربة. و قام المكتشف و فريقه بتكرار التجربة و حصلوا النتائج بناجح! و هذه الأثناء، و لأن الغرفة كانت مظلمة، فقام وود بأزالة منشور يعتبر جزء أساسى من الجهاز الذى يستخدم لكشف الأشعة إن بدون علم الفريق، و طلب من الرجل الفرنسى إن يقوم بالتجربة مرة أخرى، الغريب أن التجربة أعطت نتائج ناجحة! و بهذا أتضح إن الأشعة أن ما هى ألا وهم كبير و قام وود بنشر ما قام به، الأمر الذى دمر السمعة العلمية للعالم المكتشف.
لم أذكر الكثير من التفاصيل، تستطيعوا الحصول عليها من المصادر، و لكن يظل المغزى الأساسى من القصة واضح، هى قدرتنا الكبيرة على وهم أنفسنا و وهم غيرنا معنا حتى لو كنت عالم كبير. و مثل هذه القصة يوجد الكثير و الكثير، فنتذكر أن ننظر دائما لنفسنا و نقول: هل أنا مخطئ؟
المصادر:
N Ray, Wikipedia http://en.wikipedia.org/wiki/N_ray
N Ray from Irving Langmuir "Pathological Science" http://www.cs.princeton.edu/~ken/Langmuir/langB.htm#Nrays
Blondlot and N Rays, Skeptic dictionary http://www.skepdic.com/blondlot.html

No comments: